تسجيل الدخول او يمكنك الدخول باسم المستخدم وكلمة المرور

صيغة الجوال غير صحيحة
    نسيت كلمة المرور


قطر-جريدة الشرق- الأحد ١٠ مارس ٢٠١٣ م، الموافق ٢٨ ربيع الثاني ١٤٣٤ هـ

قانون التشغيل الاجتماعي.. إصلاح وتهذيب وحماية للشباب

أقدمت النيابة العامة على خطوة غاية في الأهمية، تمثلت بفرض عقوبة التشغيل الاجتماعي على مرتكبي عدد من الجنح، وهو ما يمثل اصلاحا وتأديبا لهؤلاء المذنبين، خاصة مرتكبي الجنح للمرة الأولى.
هذا المشروع الاجتماعي هدفه بالدرجة الاولى الاصلاح والتهذيب للافراد، وتقويم سلوكهم، وحماية للشباب ممن يقترفون الجنح من الآثار الاجتماعية والنفسية والأخلاقية التي قد تنجم في حال دخولهم السجن، واحتكاكهم المباشر مع أشخاص لديهم سوابق إجرامية، وتمت ادانتهم في جرائم تستوجب قصاصا وعقوبات شديدة.
هذا المشروع الذي تنفرد به دولة قطر عن باقي الدول العربية، يحسب لها ضمن عدد من المشاريع والقوانين والأنظمة التي يكون لها السبق في ميدان التشريع والتطبيق، بفضل رؤية قيادة تتطلع دائما إلى كل ما يخدم المجتمع، وينعكس ايجابا على حياة المواطنين ومن يعيش على هذه الأرض الطيبة.
التشغيل الاجتماعي الذي تحول إلى قانون بعد أن تم تضمينه لقانون العقوبات كمادة أصلية لم يكن ليرى النور لولا دعم وقناعة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نائب الأمير ولي العهد الامين، الذي صادق على القانون، حرصا من سموه على الشباب، وضرورة ايجاد البدائل التي تمثل اصلاحا لما قد يرتكبونه من سلوكيات غير رشيدة، وتصرفات غير قانونية، وأعمالا تعاقب عليها التشريعات والقوانين، وفي نفس الوقت تكون هذه العقوبة ذات مردود ايجابي ونافع على المجتمع، بحيث تجمع بين الاصلاح والتهذيب للفرد، وخدمة المجتمع في مجالات اجتماعية وخدماتية وانسانية...
هذه الرؤية الحكيمة لسمو ولي العهد الأمين في تضمين هذه العقوبة ضمن التشريع، سيكون لها أثر بالغ الأهمية في تصويب السلوكيات لمرتكبي الجنح، وستحميهم من ارتكاب ما هو أكبر من ذلك، خاصة إذا ما عرفنا أن مجالات تنفيذ عقوبة التشغيل الاجتماعي تشمل حفظ أو تحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم، ومحو الأمية، ورعاية الأحداث، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ونقل المرضى، وتنظيف الطرق والشوارع والميادين العامة، والشواطئ والمحميات، وتنظيف المساجد وصيانتها، وتنظيف وصيانة المنشآت الرياضية وبيع التذاكر، وتنظيف وصيانة المكتبات العامة، وزراعة وصيانة الحدائق، وتحميل وتفريغ الحاويات بالموانئ، ومعاونة الأفراد العاملين بالدفاع المدني، وأعمال البريد الكتابية، والأعمال الإدارية بالمراكز الصحية، والأعمال الكتابية وقيادة المركبات في مجال مراقبة الاغذية، وتعبئة الوقود...
هذه المجالات هدفها اصلاح الفرد، بدلا من الدفع به الى تنفيذ العقوبة بالسجن، وما قد يترتب عليها من أمور تضر بالمسجون مستقبلا، وتنعكس سلبا ايضا على المجتمع، خاصة اذا ما تعلم المسجون الجديد إن صح التعبير من خلال احتكاكه طوال الـ " 24 " ساعة في السجن بسجناء ربما لديهم سوابق ومدانون بجرائم أخلاقية وجرائم قتل أو مخدرات.. وغيرها من الجرائم الكبرى التي عقوبتها سنوات من السجن أو أكثر من ذلك، فقد يكتسب السجين الجديد الذي يدخل السجن لأول مرة بسبب جنحة خبرة في الاجرام، وطرقا في ارتكاب الجرائم لم تكن واردة في ذهنه، اضافة الى سجله الشخصي، وما قد يعرف به لاحقا بأنه "خريج سجون".
عقوبة التشغيل الاجتماعي لن تمنع صاحبها من ممارسة حياته العادية إذا ما التزم بتنفيذها بأداء الاعمال المحددة في الحكم الصادر ضده، لمدة 6 ساعات في اليوم، وفقا للاسلوب والطريقة التي يصدر بتحديدها قرار من النائب العام، الذي اصدر مؤخرا قرارا بتحديد الجهات القائمة على تنفيذ عقوبة التشغيل الاجتماعي، وهي وزارة الاوقاف والمجلس الاعلى للتعليم ووزارة الداخلية ومؤسسة حمد الطبية ووزارة البلدية ووزارة الثقافة ووزارة البيئة.
وحقيقة هنا من الواجب أن نشيد بالجهد الذي قامت به النيابة العامة، وتحديدا سعادة النائب العام د. علي بن فطيس المري في تبني هذا المشروع الذي اصبح قانونا، والعمل على ترجمته على ارض الواقع، وتحديد المسارات الخاصة بتطبيقه، والآليات الكفيلة بذلك، وتحديد الجرائم التي يجوز فيها للنيابة طلب الحكم بعقوبة التشغيل الاجتماعي حتى لا تكون المسألة عائمة دون تحديد.
هذا القانون، التشغيل الاجتماعي اكثر جدوى ومنفعة لعدد من الشباب مرتكبي الجنح دون قصد، التي يعاقب عليها القانون، ففي هذا القانون ردع اجتماعي كبير، وفي نفس الوقت دون الاساءة له أو لمستقبله، إذا ما قام بتنفيذ العقوبة المحددة دون تقصير، مع تأدية أعمال ذات مردود ايجابي على المجتمع.. أثرها الايجابي ايضا ينعكس على الفرد الذي يؤديها بصورة كبيرة.
من المؤكد أن القوانين والتشريعات والعقوبات لا تهدف الى تدمير الانسان، بقدر ما تهدف إلى إعادته إلى سلوكه السوي بعد تنفيذ عقوبة لجرم ارتكبه، وفي استحداث عقاب اجتماعي جديد لجنح يرتكبها الافراد، لهو تهذيب سلوكي مناسب، يراعي نوع الجرم المرتكب، وكيفية التعامل معه، بصورة حضارية لائقة، تصحح الفرد، وتقوّم سلوكه، وتعيد له صوابه، وترشده الى الطريق الصحيح، الذي ربما في لحظة ما قد انحرف عنه لسبب لا إرادي أو تصرف غير مقصود.
الآن بعد أن صدر هذا القانون، وترجم على أرض الواقع، مطلوب من الجهات القائمة على تنفيذ عقوبة التشغيل الاجتماعي، وكذلك من النيابة العامة، الاشراف الحقيقي، ومراقبة المعاقبين بالتنفيذ في تأدية الاعمال المنصوص عليها، حتى لا تتحول هذه العقوبة الى "فسحة" يقضيها المعاقب، دون أن يشعر بما اقترفه من ذنب، ودون أن تمثل له هذه العقوبة اصلاحا في سلوكه واخلاقياته وقيمه، فالهدف من هذه العقوبة الاجتماعية هي الاصلاح بأسلوب حضاري مبتكر لهذا الفرد، حتى يعود انسانا سويا، وفردا صالحا في المجتمع، دون أن يؤثر ذلك على حياته المستقبلية، أو يتحول إلى إنسان عاطل.
التشغيل الاجتماعي بادرة طيبة تشكر عليها النيابة العامة، كونها سعت إلى ايجاد بدائل لتنفيذ عقوبات لجنح لا ترقى لجرائم، وفي نفس الوقت دخول السجن ربما تترتب عليه أمور سلبية عديدة، تضر بالمجتمع قبل الشخص نفسه.
مطلوب باستمرار مراجعة التشريعات والقوانين في مختلف المجالات، والبحث عن اطروحات جديدة تواكب المرحلة وتلبي تطلعات المجتمع بأفراده ومؤسساته، وليس بالضرورة ان نبقى أسرى تشريعات مضت عليها سنوات طوال دون تحديث أو إعادة تقييم لما يجب أن تكون عليه في ظل هذه المتغيرات التي نعيشها على كل صعيد.

موقع معروف

صفحتنا على معروف

يسر شبكة المحامين العرب أن تعلن عن إطلاق " خدمة تحضير الأسانيد القانونية " والتى تقوم على مفهوم جديد لفلسفة الخدمة لدى الشبكة، ذلك من خلال المشاركة والتفاعل مع أعضاء الشبكة الكرام ، من خلال المساعدة في البحث وتأصيل المعلومة القانونية عبر مختصين من مستشاري الشبكة القانونيين.

أضف طلبك