تسجيل الدخول او يمكنك الدخول باسم المستخدم وكلمة المرور

صيغة الجوال غير صحيحة
    نسيت كلمة المرور


قطر - جريدة الشرق- الأثنين 03 محرم 1433 الموافق 28 نوفمبر2011

دوامة المحاكم

شاء القدر أن تحط قدماي على عتبة المحاكم؛ لأدخل في متاهاتها، نعم إنها متاهة بالنسبة لي؛ لأنني أجهل القانون ولا أملك زمام أموره، فرأيت نفسي وسط دوامة عنيفة تعصف وتدور بي، لا أجرؤ على الخروج منها ولا هي تريد أن تطرحني خارجها بسلام، فما سبب تلك الدوامة العاصفة؟ فمن المسؤول عن تأخير القضايا، وتكرار التأجيل في الفصل النهائي، حتى اعتلاها الغبار وهي مصفوفة على الرفوف؟ فهل السبب من طرفي النزاع لجهلهما بالقانون، وإجراءات المحكمة، واعتمادهما الكلي على المحامي؟ أم من المحامي وكثرة ما يقبل من قضايا من كل نوع، مثقلا بها كاهله لأنه في النهاية سيحصل على ما يحبه قلبه، وينعم به دون أن يولي قضايا الناس جل اهتمامه وتركيزه؟ أم من القضاة وعددهم القليل الذي لا يوازي مابين أيديهم من قضايا حتى يضطروا أن يتعاملوا معها بالفصل السريع لإنهاء الكم الهائل من القضايا، أو لقلة خبرة البعض منهم لصغر سنهم وعدم تخصصهم؟
أسباب عديدة لتأخير الفصل في القضايا
وبينما أجول في أروقة المحكمة أتكبد معاناة اللف والدوران وسط جهلي بالقانون أجد نفسي اتجرأ لأطرح على أصحاب الخبرة استفسارا عن هذا التأخير المتعب والممل ؛ ليجيبني أحدهم: ان نوعية القضية لها دور كبير في التأخير، فمثلا عدم توافر المستندات لإثبات مديونية في قضية مقاولات، وتعاقد شخص مع شركة يجعل القضية تمر في مراحل تطول إلى السنتين والثلاث سنوات والمالك متضرر وستكون هناك غرامات لشرط جزائي وعندما يلجأ إلى المحكمة يرفع قضية بطلب دعوى مستعجلة لإثبات الحالة، هنا المحكمة تطلب العقود والإيصالات وتنتدب فنيا هندسيا ليتصل بالأطراف وأحيانا يصعب عليه الاستدلال على المكان، وأيضا ما يؤجل القضايا حوار المحامي مع موكله حين لا يصارحه بمهام دوره وهو أن يسعى إلى تحقيق النتيجة دون أن يوهمه بضمانها، فلابد أن يعلم المحامي موكله بكل قرارات التأجيل وسببه، فالمصارحة مهمة منذ البداية، وألا يعد بالنتيجة وإنما بذل الجهد والسعي لتحقيق النتيجة.
وهكذا وأنا أجول طرقات المحكمتين والانتقال بينهما لمسافات أقطعها بسيارة لا تجد مكانا يحتويها، أيضا ألتقي بأحد المحامين ليرى الدوامة التي أدور فيها فيحنو علي بإرشاده وتوجيهه وغيره الكثيرون ممن يمدون يد المساعدة لي ولأمثالي فيراني وقد اعتلتني حالة التذمر الشديد التي أعيشها من ضغوط دوامة لا أستطيع الانفصال عنها أضحت لصيقة بي أحبتني ولا تريد أن تفارقني، وسألت المحامي نفس السؤال: لم تتعطل القضايا؟ وما الحل؟ حتى أخبرني أن المشكلة تكمن في تأخر تنفيذ الأحكام الصادرة مما يؤدي إلى تكرار الجلسات وبالتالي يتم حفظها ثم تجديدها من الحفظ وهذه مشكلة كبيرة تواجه المتقاضين ولاسيما أن المحكوم عليه يستطيع التهرب من عدم سداد مبلغ الحكم الصادر ضده بعدة طرق تتمثل في سحب ودائعه لدى البنوك وإخفاء سيارته وبالتالي يثبت للمحكمة بأنه مدين معسر الأمر الذي يترتب عليه رفض دعوى الحبس ويتم تأجيل القضية بهذه الصورة حتى يتم حفظ مادة التنفيذ مؤقتا لحين إرشاد المحكوم له على أموال المحكوم عليه وهذا بالطبع أمر في غاية الخطورة لكون المحكوم له يصعب عليه الإرشاد عن أموال المحكوم عليه وبالتالي لا يستطيع تنفيذ حكمه الصادر له وتصبح القضية والحكم معدمين ولا أثر لهما، وحتى يكون التنفيذ بصورة أخرى أسهل على المحكمة وتكون أسرع في تنفيذ الأحكام على المتقاضين مثلا يقوم المحكوم له بتقديم الصيغة التنفيذية الحاصل عليها لقاضي التنفيذ بموجبها يتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد المحكوم عليه في غيبته ليتم تنفيذ الحكم واستيفاء كافة الإجراءات وذلك بدلا من تكرار الجلسات التي غالبا ما يتم حفظها لعدم حضور المحكوم عليه أو عدم الإرشاد على أمواله.
لا شك أن حلولا كثيرة يسهل تنفيذها وأخرى يصعب وتحتاج لدراسة وتخطيط من الجهات المسؤولة، وها هو أحد الحلول نراه على أرض الواقع تطوير وتوحيد مبنى يجمع جميع المحاكم كافة وانتقالها إلى موقع فسيح في وسط المدينة، نأمل من الآن أن لا تتعطل قضايانا ولا يتوه أو يتشتت المحامون ما بين محكمة درجة أولى، ومحكمة استئناف، ومحكمة تمييز، ونأمل أيضا أن يزيد عدد القضاة ليتناسب مع عدد القضايا، وأدعو الله أن تصحو ضمائر بعض المحامين الذين غشت عيونهم سحابة الطمع والكسب السريع من أكتاف اتخذتهم أكتافها وسندها لإظهار الحقيقة ورفع الظلم عنها، وأن يعملوا بشرف مهنتهم وما أقسموا عليه وهو أن يعوا دورهم الحقيقي في بذل أقصى العناية والاهتمام بالقضية لتحقيق النتيجة من دون الوعد بكسبها، ومن دون استغلال ثقة الموكلين بهم وبشرف مهنتهم، فمع الصرح الجديد الذي ألف وجمع المحاكم نأمل أن تتحقق العدالة وبهذه المعادلة: محاكم متطورة + نزاهة قضاة ومحامين = عدالة تنهي تلك الدوامة.
منى العنبري



القانون وفقًا لأخر تعديل قانون رقم (10) لسنة 2003 بإصدار قانون السلطة القضائية

موقع معروف

صفحتنا على معروف

يسر شبكة المحامين العرب أن تعلن عن إطلاق " خدمة تحضير الأسانيد القانونية " والتى تقوم على مفهوم جديد لفلسفة الخدمة لدى الشبكة، ذلك من خلال المشاركة والتفاعل مع أعضاء الشبكة الكرام ، من خلال المساعدة في البحث وتأصيل المعلومة القانونية عبر مختصين من مستشاري الشبكة القانونيين.

أضف طلبك